الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله: بخلافهما في المعاملات) قال الرملي: يعني: الفساد والبطلان في المعاملات متساويان، وفي العبادات متغايران وقوله: مطلوب بالنصب على الحالية وقوله: هو الفساد في محل الرفع خبر إن يعني أن العقد المستحق للفسخ فاسد، وغير المستحق له صحيح، والذي لم ينعقد أصلا باطل (قوله: إلى آخره) إنما أتى بهذه الغاية لصحة الاستدلال بالحديث فإنه دليل لقوله لم يفطر الذي هو جواب الشرط لكن المقصود الاستدلال على عدم الفطر فيما ذكره فقط لا فيما عطف عليه أيضا من قول المتن: أو احتلم أو أنزل بنظر إلخ (قوله: لحديث الجماعة) قال في النهر: الأولى الاستدلال بما أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: «من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه، ولا كفارة» لجواز أن يراد بالصوم اللغوي؛ لأنه بتقدير فطره يلزمه الإمساك تشبها، وبه يستغنى عن قولهم: إذا ثبت هذا في الأكل والشرب ثبت في الجماع دلالة؛ إذ لفظ أفطر يعم ما إذا كان بالجماع أيضا (قوله: فسد صومه في الصحيح) ظاهر اقتصاره على الفساد لا كفارة عليه، وهو المختار كما في التتارخانية عن النصاب (قوله: والأولى أن لا يذكره إن كان شيخا إلخ) قال في الفتح ومن رأى صائما يأكل ناسيا إن رأى له قوة تمكنه أن يتم صومه بلا ضعف المختار أنه يكره أن لا يخبره، وإن كان بحال يضعف بالصوم، ولو أكل يتقوى على سائر الطاعات يسعه أن لا يخبره ا هـ. قال في النهر: وقول الشارح إن كان شابا ذكره أو شيخا لا جرى على الغالب ثم هذا التفصيل جرى عليه غير واحد، وفي السراج عن الواقعات إن رأى فيه قوة أن يتم الصوم إلى الليل ذكره وإلا فلا والمختار أنه يذكره، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين الفرض، ولو قضاء أو كفارة والنفل في أنه يذكره أولا (قوله: لأن ما يفعله الصائم ليس بمعصية) قال بعض الفضلاء تعليله بذلك يقتضي عدم التفرقة بين الشيخ والشاب، والصواب أن يقال: إن ما يفعله معصية في نفسه، وكذا النوم عن صلاة كما صرحوا أنه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح لكن الناسي أو النائم غير قادر فسقط الإثم عنهما لكن وجب على من يعلم حالهما تذكير الناسي، وإيقاظ النائم إلا في حق الضعيف عن الصوم مرحمة له (قوله: وإن دام على ذلك حتى أنزل) ليس الإنزال شرطا في إفساد الصوم، وإنما ذكره لبيان حكم الكفارة في قوله ثم قيل إلخ نبه عليه الشرنبلالي في الإمداد (قوله: فهو على هذا) قال الشرنبلالي: يعني في لزوم الكفارة أما إفساد الصوم فيحصل بمجرد المكث فليتنبه له (قوله: وفي البقالي: النسيان قبل النية كما بعدها) أقول: الظاهر أن هذا في مسألة المتلوم لكونه في معنى الصائم، ويؤيده أن صاحب القنية نقل التصحيح عقب مسألة المتلوم فقال بعد ما رمز لبعض المشايخ: والصحيح في النسيان قبل النية أنه كما بعدها ا هـ. ولعل وجهه أن رمضان معين للصوم بتعيين الشارع فإذا أكل المتلوم ناسيا فيه لا يضره، وإن كان قبل النية؛ لأنه لما ظهرت رمضانيته وكان هو متلوما في معنى الصائم صار كأنه أكل بعد النية بخلاف النفل فإنه لو أكل ناسيا ثم نوى النفل فالظاهر أنه لا يصح؛ لأنه ليس متعينا للصوم من أول النهار ولأنه لم توجد النية لا حقيقة، ولا حكما حتى يتحقق النسيان ولذا قال في السراج قيد بقوله فإن أكل الصائم إذ لو أكل قبل أن ينوي الصوم ناسيا ثم نوى الصوم لم يجزه ا هـ. فليتأمل. (قوله: وحقيقة الخطأ أن يقصد إلخ) قال في النهر: وفي الفتح المراد بالمخطئ من فسد صومه بفعله المقصود دون قصد الفساد كمن تسحر على ظن عدم الفجر أو أكل يوم الشك ثم ظهر أنه في الفجر ورمضان ا هـ. قال في النهر: وظاهر أن التسحر ليس قيدا بل لو جامع على هذا الظن فهو مخطئ ا هـ. قلت: بل صرح بذلك في السراج وبه يستغنى عن التكلف لتصوير الخطأ في الجماع بما إذا باشرها مباشرة فاحشة فتوارت حشفته كما نبه عليه في النهر (قوله: والمؤاخذة بالخطأ جائزة) أي عقلا كما في شرح التحرير لابن أمير حاج ولذا سئل - تعالى - عدم المؤاخذة به. (قوله: وإن أراد تسكين الشهوة) أي الشهوة المفرطة الشاغلة للقلب، وكان عزبا لا زوجة له، ولا أمة أو كان إلا أنه لا يقدر على الوصول إليها لعذر كذا في السراج الوهاج (قوله وعن محمد أنه كره المباشرة الفاحشة) هي أن يعانقها، وهما متجردان، ويمس فرجه فرجها قال في الذخيرة: وهذا مكروه بلا خلاف؛ لأن المباشرة إذا بلغت هذا المبلغ تفضي إلى الجماع غالبا ا هـ. تأمل. (قوله: وقيل إن تكلف له فسد) قال الرملي: ينبغي ترجيح هذا؛ لأنه ادعى في سببية الإنزال تأمل (قوله: لأن القطرة يجد ملوحتها) كذا في الفتح ثم قال: فالأولى عندي الاعتبار بوجود أن الملوحة لصحيح الحس؛ لأنه لا ضرورة في أكثر من ذلك، وما في فتاوى قاضي خان: لو دخل دمعه أو عرق جبينه أو دم رعافه حلقه فسد صومه يوافق ما ذكرناه فإنه علق بوصوله إلى الحلق ومجرد وجدان الملوحة دليل ذلك ا هـ. قال في النهر وأقول: في الخلاصة في القطرة والقطرتين لا فطر أما في الأكثر فإن وجد الملوحة في جميع الفم واجتمع شيء كثير وابتلعه أفطر وإلا فلا، وهذا ظاهر في تعليق الحكم على وجدان الملوحة في جميع الفم؛ إذ لا شك أن القطرة والقطرتين ليسا كذلك، وعليه يحمل ما في الخانية فتدبر ا هـ. وفي الإمداد عن المقدسي القطرة لقلتها لا يجد طعمها في الحلق لتلاشيها قبل الوصول إليه (قوله: لما أن الكثير لا يبقى) قال في النهر: ممنوع إذ قدر المفطر مما يبقى، ومن ثم قال الشارح المراد بما بين الأسنان القليل ا هـ. فليتأمل. (قوله: وإن كان معها تفروقها إلخ) قال في السراج ينبغي أن يقال: إن وصل تفروقها إلى الجوف أولا أن لا تجب الكفارة، وإن وصل اللب أولا تجب الكفارة (قوله: وأراد بالتفروق ها هنا إلخ) قال الرملي عن القاموس: التفروق بالضم قمع الثمرة أو ما يلتزق به قمعها جمعه تفاريق. (قوله: لعدم الخروج شرعا)؛ لأن ما دون ملء الفم ليس له حكم الخارج؛ لأنه يمكن ضبطه بخلاف ما كان ملء الفم فإن له حكم الخارج، وفائدته تظهر في أربع مسائل كما في السراج الوهاج أحدهما إذا كان أقل من ملء الفم وعاد أو شيء منه قدر الحمصة لم يفطر إجماعا أما عند أبي يوسف فإنه ليس بخارج؛ لأنه أقل من ملء الفم وعند محمد لا صنع له في الإدخال، والثانية إن كان ملء الفم وأعاده أو شيئا منه قدر الحمصة فصاعدا أفطر إجماعا أما عند أبي يوسف فلأنه ملء الفم فكان خارجا، وما كان خارجا إذا أدخله جوفه فسد صومه، ومحمد يقول: قد وجد منه الصنع، والثالثة: إذا كان أقل من ملء الفم وأعاده أو شيئا منه أفطر عند محمد لما مر وعند أبي يوسف لا يفطر لما مر والرابعة إذا كان ملء الفم وعاد بنفسه أو شيء منه مقدار الحمصة فصاعدا أفطر عند أبي يوسف وعند محمد: لا، وهو الصحيح؛ لأنه لم يوجد صورة الفطر، وهو الابتلاع بصنعه، ولا معناه؛ لأنه لا يتغذى به، ولأنه كما لا يمكن الاحتراز عن خروجه فكذا عن عوده فجعل عفوا ا هـ. (قوله: وإنما لم يقيد الاستقاء بالعمد إلى قوله؛ لأنه لا يخلو) ساقط من بعض النسخ والصواب وجوده (قوله: فالحاصل أن صور المسائل اثنا عشر إلخ) قال في الدر المنتقى فالحاصل أنها تتفرع إلى أربعة وعشرين؛ لأنه إما أن قاء أو استقاء وكل إما أن يملأ الفم أو دونه وكل من الأربعة إما أن خرج أو عاد وكل إما ذاكر لصومه أو لا، ولا في فطر في الكل على الأصح إلا في الإعادة والاستقاء بشرط الملء مع التذكر لكن صحح القهستاني عدم الفطر بإعادة القليل وعود الكثير فتنبه، وهذا في غير البلغم أما هو فغير مفسد مطلقا خلافا لأبي يوسف في الصاعد واستحسنه الكمال وغيره (قوله: إلا في مسألتين في الإعادة بشرط ملء الفم، وفي الاستقاء بشرط ملء الفم) هكذا في بعض النسخ، وفي بعضها سقط قوله: وفي الاستقاء وكان يغنيه على الأولى أن يقول في الإعادة أو الاستقاء بشرط ملء الفم فيهما، وهذا بناء على قول أبي يوسف المختار لا على ظاهر الرواية كما علم مما مر وقوله: وأن وضوءه ينتقض إلا فيما إذا لم يملأ الفم عطف على قوله وأن صومه لا يفسد وهذه النسخة هي الصواب، وفي بعض النسخ، وفي أن وضوءه ينتقض فيما إذا لم يملأ الفم بزيادة في وإسقاط إلا وعليها كتب الرملي فقال: لا وجه لاستثنائه مما تقدم (قوله: ففي الظهيرية منها) أي من الصلاة أي من كتاب الصلاة ثم إن النسخ هنا مختلفة، والصواب الموافق لما رأيته في الظهيرية أن تكون العبارة هنا هكذا لو قاء أقل من ملء الفم لم تفسد صلاته، وإن أعاده إلى جوفه يجب أن يكون إلخ وما قبل يجب من قوله وأطلق في أنواع القيء والاستقاء فشمل ما إذا استقاء بلغما ملء الفم، وهو قول أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد لا يفسد صومه بناء على الاختلاف في انتفاض الطهارة وقول أبي يوسف هنا أحسن إلى قوله كذا في فتح القدير محله بعد تمام عبارة الخلاصة (قوله: وتعبيري بالاستقاء إلخ) موجود في موضعين الأول منهما بعد مسألة البلغم والثاني بعد عبارة الخزانة، وهذا الثاني ساقط من بعض النسخ والأصوب وجوده؛ لأن الزيلعي عبر بالقيء فيهما (قوله: وينبغي أن يعتبر عند محمد اتحاد السبب إلخ) اعترضه في النهر بأن على قول محمد لا يتأتى التفريع لما أنه يفطر عنده بما دون ملء الفم، وحينئذ فلا يصح اعتبار السبب على قوله كما في الوضوء، وهو ظاهر ا هـ. قلت: مراد المؤلف أنه لو أمكن التفريع لكان ينبغي اعتبار اتحاد السبب والمراد بالتفريع الفرق بين العود والإعادة ويدل على أن مراده ما قلنا قوله بعد أما على قول محمد فإنه يبطل صومه بالمرة الأولى تأمل (قوله: وأما إذا ابتلع إلخ) أي وأما القضاء فقط إذا ابتلع إلخ (قوله: والملح إلا إذا اعتاد أكله وحده) كذا في الفتح قال وقيل يجب في قليله دون كثيره وبه جزم في الجوهرة كما في النهر وكذا في السراج ومشى عليه في نور الإيضاح وجعله المختار ونقله في الإمداد عن المبتغى ونقل عن الخلاصة والبزازية اختيار الوجوب من غير ذكر تفصيل قال الرملي: والذي يظهر اعتماده التفصيل بين من اعتاد أكله وبين من لم يعتد (قوله: روي عن محمد وجوب الكفارة) قال في النهر: والأقيس في الهليلجة الوجوب؛ لأنه يتداوى بها على هذه الصورة، ومن ثم جزم الشارح وغيره بوجوبها بأكل الطين الأرمني (قوله: لا إن مضغ قمحة للتلاشي) أي لا تجب الكفارة بذلك، وأما الفساد فهو ثابت لو وجد طعمها في حلقه على ما مر عن الكافي والفتح. (قوله: إلى أن المحل إلخ) متعلق بقوله أشار قال في النهر، وفي الإشارة بعد ظاهر ا هـ وأجاب عنه الرملي بقوله: اللهم إلا أن يقال: هو مطلق فينصرف إلى الكامل واعترض بأنه لا معنى لقوله على التنصيص على الوجوب إلخ ا هـ. وكان مراده أن تقييد المفعول به الطائع غير مستفاد من كلام المتن، وإلا فلا شك أنه نص على الوجوب على المفعول به على أن قوله عمدا مخرج للمكره فليتأمل ما مراده وقد يجاب عن الأول بأن الجماع إدخال الفرج في الفرج كما في السراج، والصغيرة غير المشتهاة التي لا يمكن افتضاضها لا يمكن جماعها إذ لا إدخال بدون افتضاض تأمل (قوله: فلا تجب الكفارة لو جامع بهيمة أو ميتة إلخ) قال الرملي: اقتصاره على نفي الكفارة يوهم وجوب القضاء ولو لم ينزل مع أن الأمر ليس كذلك لما أن جماع البهيمة والميتة بلا إنزال غير مفسد للصوم كما في الخلاصة وغيرها وقد تقدم أنه لا يوجب الغسل بل، ولا نقض الوضوء ما لم يخرج منه شيء صرح به في شرح المختار ولابن ملك وتوفيق العناية شرح الوقاية (قوله: وأما الصغيرة التي لا تشتهى إلخ) قال الرملي: الوجه يقتضي عدم وجوب الكفارة فيها، وحكى الإجماع فيه قال في النهر: وقيل لا تجب بالإجماع، وهو الوجه وعلل له بما هنا، وقالوا في الغسل: الصحيح أنه متى أمكن وطؤها من غير إفضاء فهي ممن يجامع مثلها، وإلا فلا بقي لو وطئ الصغير امرأته هل عليه الكفارة لم أرهم صرحوا، وظاهر كلام الخانية في الغسل أنها تجب، وهو مقتضى إطلاق المتون قال في الخانية: غلام ابن عشر سنين جامع امرأته البالغ عليها الغسل لوجود السبب، وهو مواراة الحشفة بعد توجه الخطاب، ولا غسل على الغلام لانعدام الخطاب ثم قال: ولو كان الرجل بالغا، والمرأة صغيرة فالجواب على العكس، وجماع الخصي يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به لمواراة الحشفة ا هـ. (قوله: قال في الاختيار إلى قوله وأشار) يوجد في بعض النسخ (قوله: وأشار بما سيأتي من قوله إلخ) أي الآتي في آخر فصل العوارض (قوله: عند أبي حنيفة)؛ لأنه بنية النهار لا يكون صائما عند الشافعي وبهذه الشبهة الناشئة من الدليل اندرأت الكفارة ا هـ. (قوله: خلافا لهما) أي؛ لأن الصوم بنية من النهار جائز فيكون جانيا على صوم صحيح ا هـ. ابن ملك (قوله: كما لو أفطر على ظن أنه يوم مرضه) جعله مشبها به؛ لأنه بالإجماع بخلاف مسألة الحيض فإن فيها اختلاف المشايخ، والصحيح الوجوب كما ذكره في التتارخانية قلت: لكن صحح قاضي خان في شرح الجامع الصغير سقوط الكفارة في المسألتين وشبههما بمن أفطر، وأكبر ظنه أن الشمس غربت ثم ظهر عدمه (قوله: ومما يسقطها حيضها أو نفاسها بعد إفطارها) في التتارخانية إذا جامع امرأته في نهار رمضان ثم حاضت امرأته أو مرضت في ذلك اليوم سقط عنه الكفارة عندنا ا هـ. وهكذا رأيته في نسخة أخرى ولعل الصواب سقط عنها بضمير المرأة تأمل (قوله: وأفاد بالتشبيه إلخ) أقول: هذا إشارة إلى أنه لا يلزم أن تكون مثلها من كل وجه فإن المسيس في أثنائها يقطع التتابع في كفارة الظهار مطلقا عمدا أو نسيانا ليلا أو نهارا للآية بخلاف كفارة الصوم والقتل فإنه لا يقطعه فيهما إلا الفطر بعذر أو بغير عذر فتأمل فقد زلت بعض الأقدام في هذا المقام رملي (قوله: أما فيما بينه وبين ربه فيرتفع بالتوبة بدون تكفير) فيه أنه يلزمه أن تسقط الكفارة بالتوبة أيضا، ويدل على هذا اللزوم كلام الهداية فإنه جعل إيجاب الإعتاق معرفا لعدم تكفير التوبة للذنب فإن مفاده أنه لو كفرته لم يجب مال فالظاهر الفرق بين الحدود والكفارات فليتأمل (قوله: لأن حد الزنا يرتفع) قال أبو السعود محشي مسكين قيده في بحر الكلام بما إذا لم يكن للمزني بها زوج فإن كان فلا بد من إعلامه لكونه حق عبده فلا بد من إبرائه عنه (قوله: بالوجوب على الجارية) أي وجوب كفارة الصوم. (قوله: أو الفطر فيه) أي في الاستقاء (قوله: حتى لا يحس به) أي فلا يكون الحديث الأول مخصوصا بحديث الاستقاء (قوله: وبالضم في أقطر) قال في النهر قيل: الصواب قطر؛ لأن أقطر لم يأت متعديا يقال: أقطر الشيء حان له أن يقطر بخلاف قطر فإنه جاء متعديا، ولازما وبالتضعيف متعد لا غير وأما الإقطار بمعنى التقطير فلم يأت ذكره الجوهري وبهذا تبين فساد ما قيل إن أقطر على لفظ المبني للمفعول؛ لأن مبناه على أن يجيء الإقطار متعديا، ولا صحة له على أنه لو صح لكان حقه أن يقرأ على لفظ المبني للفاعل لتتفق الأفعال وتنتظم الضمائر في سلك واحد وأقول: في المغرب: قطر الماء صبه تقطيرا أو قطره وأقطره لغة، وعلى هذه اللغة يتخرج كلامهم، وحينئذ فيصح بناؤه للفاعل، وهو الأولى لما مر وللمفعول، ونائب الفاعل هو قوله: في أذنه أي وجد إقطارا في أذنه (قوله: وإن بقي الرمح في جوفه) عبارة قاضي خان، وإن بقي الزج فالظاهر أن ما هنا تحريف من النساخ (قوله: لأنه لم يوجد منه الفعل) ذكر في النهر أنه يشكل عليه مسألة الاستنجاء السابقة، ومسألة ما إذا أدخل خشبة وغيبها حيث يفطر في الصورتين مع أنه لم يوجد منه الفعل أعني صورة الفطر، وهو الابتلاع، ولا معناه، وهو ما فيه صلاحه لما ذكروه من أن إيصال الماء إلى المحقنة يوجب داء عظيما، قال: وجوابه أن هذا مبني على تفسير الصورة بالابتلاع كما في الهداية والأولى تفسيرها بالإدخال بصنعه كما علل به الإمام قاضي خان الفساد بإدخال الماء أذنه بأنه موصل إليه بفعله فلا يعتبر فيه صلاح البدن كما لو أدخل خشبة وغيبها إلى آخر كلامه ا هـ. نعم يرد ذلك على تعليل الولوالجي لعدم الفساد بإدخال الماء أذنه، ويرد عليه أيضا كما قاله الرملي الإفطار بوصول الماء إلى الدماغ في الاستنشاق فإنه إذا فسد مع عدم القصد فكيف لا يفسد في الإقطار والسعوط مع القصد ثم قال لكن مع ذلك هو معارض بما في الشروح، وإذا عارض ما في الفتاوى ما في الشروح يعمل بما في الشروح ا هـ. وفيه أن ما في الولوالجية اختاره في الهداية كما مر والهداية معدودة من المتون، وهي مقدمة على الشروح فأين المعارضة. (قوله: وصحح في التحفة قول أبي يوسف ومحمد) قال الرملي: تقدم أن محمدا مع أبي يوسف لكن قال: ومحمد توقف فيه، وقيل هو مع أبي يوسف والأظهر أنه مع أبي حنيفة فما تقدم نقله هو الأظهر وما تأخر على خلاف الأظهر. (قوله: وأطلق في الصوم إلخ) قال في الإمداد: كذا أطلقه في الهداية والكنز وشرح المختار فشمل النفل لما أنه لا يباح فيه الفطر بلا عذر على المذهب، ومن قيده بالفرض كشمس الأئمة الحلواني ونفي كراهة الذوق في النفل إنما هو على رواية جواز الإفطار في النفل بلا عذر (قوله: وفيه بحث إلخ) قال في النهر: يمكن أن يقال إنما لم يكره في النفل وكره في الفرض إظهارا لتفاوت المرتبتين. (قوله: وقد صرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد إلخ) قال في النهر وسمعت من بعض أعزاء الموالي أن قول النهاية: يحب بالحاء المهملة، ولا بأس به ا هـ. قال الشيخ إسماعيل ولكنه خلاف الظاهر واستعمالهم في مثله يستحب ا هـ. وكأنه لهذا والله - تعالى - أعلم لم يعول عليه الشيخ علاء الدين مع شدة متابعته للنهر وقال مقتضاه الإثم بتركه إلا أن يحمل الوجوب على الثبوت ا هـ. قلت: وظاهر قول الهداية، ولا يفعل لتطويل اللحية إلخ يفيد الكراهة تأمل (قوله: وقد تقدم حكم القبلة) أي تحت قول المتن أو احتلم. (قوله وهي هنا ثمانية إلخ) نظمها المقدسي في بيت واحد فقال سقم وإكراه وحمل وسفر رضع وجوع وعطش وكبر انتهى. والأولى إنشاده خاليا من الضرورة هكذا: مرض وإكراه رضاع والسفر حبل كذا عطش وجوع والكبر ويزاد تاسع وهو قتال العدو فإن الغازي إذا خاف العجز عن القتال له الفطر ولو مقيما كما يأتي قريبا وقد زدت ذلك فقلت حبل وإرضاع وإكراه سفر مرض جهاد جوعه عطش كبر قال في النهر ويرد عليه أن السفر من الثمانية مع أنه لا يبيح الفطر إنما يبيح عدم الشروع في الصوم ومنها كبر السن وفي عروضه في الصوم ليكون مبيحا للفطر ما لا يخفى فالأولى أن يراد بالعوارض ما يبيح عدم الصوم ليطرد في الكل (قوله وفي فتح القدير الأمة إذا ضعفت إلخ) قال الرملي قال في جامع الفتاوى ولو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة فله أن يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع ا هـ. وأقول: هذا إذا لم يدرك عدة من أيام أخر يمكنه الصوم فيها أما إذا أمكنه يجب القضاء وعلى هذا الحصاد في شهر رمضان إذا لم يقدر عليه مع الصوم ويهلك الزرع بالتأخير لا شك في جواز الفطر والقضاء إذا أدرك عدة من أيام أخر والله تعالى أعلم (قوله: للأمة أن تمتنع إلخ) أي لا يجب عليها طاعته في ذلك وانظر هل يجوز لها إطاعته أم لا ؟ والظاهر الثاني، تأمل. ولكن مقتضى ما في شرح الوهبانية للشرنبلالي الأول حيث قال صائم أتعب نفسه في عمل حتى أجهده العطش فأفطر لزمته الكفارة وقيل لا تلزمه وبه أفتى البقالي وهذا بخلاف الأمة إذا أجهدت نفسها؛ لأنها معذورة تحت قهر المولى ولها أن تمتنع من ذلك وكذا يفيد أنه يجوز لها إطاعته إلا أن يقال إن قوله ولها معناه أنه يحل لها مخالفة أمره إن أمكنها وقوله قبله بخلاف الأمة محمول على ما إذا فعلت بغير اختيارها بدليل التعليل، تأمل. (قوله: كان عليه الكفارة) قال في جامع الفصولين: وقيل: لا، ولو أفطر على ظن أنه يقاتل أهل الحرب فلم يتفق القتال لا يكفر. والفرق أي بين هذا وبين من له نوبة حمى أن القتال يحتاج إلى تقديم الإفطار ليتقوى بخلاف المرض ا هـ. وحاصله أن المقاتل محتاج إلى تقديم الأكل فصار مأذونا فيه قبل وجود حقيقة العذر بخلاف المريض فلذا يلزمه الكفارة إذا لم يوجد عذره بعد الأكل لكن قدمنا عن قاضي خان في شرح الجامع سقوطها عنه أيضا وكذا عمن ظنت أنه يوم حيضها (قوله: برئ الصغير وتماثل) قال في القاموس في مادة م ث ل تماثل العليل قارب البرء (قوله: وفيه إشارة إلى أن المريض يجوز له إلخ) قال في الدر المختار وفيه كلام؛ لأن عندهم نصح المسلم كفر فأنى يتطبب بهم ا هـ. قال محشيه وأيده شيخنا بما نقله عن الدر المنثور للعلامة السيوطي من قوله صلى الله عليه وسلم: «ما خلا كافر بمسلم إلا عزم على قتله» (قوله: وفي القنية لا يجوز للخباز إلخ) قال الرملي ما قدمناه عن جامع الفتاوى يدخل فيه الخباز وغيره وقوله هو كاذب إلخ فيه نظر فإن طول النهار وقصره لا دخل له في الكفاية فقد يظهر صدقه في قوله لا يكفيني فيفوض إليه حملا لحاله على الصلاح تأمل ا هـ. وفي الإمداد عن التتارخانية سئل علي بن أحمد عن المحترف إذا كان يعلم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه مرض يبيح الفطر وهو محتاج إلى تحصيل النفقة هل يباح له الأكل قبل أن يمرض فمنع من ذلك أشد المنع وكذا حكاه عن أستاذه الوبري وإذا لم يكفه عمل نصف النهار ويستريح في النصف الباقي وهو محجوج بأقصر أيام الشتاء ا هـ. قلت ويمكن حمل ما مر عن جامع الفتاوى على ما يأتي من نذر صوم الأبد فضعف عنه لاشتغاله بالمعيشة ويقربه إطلاق قوله فله أن يفطر ويطعم تأمل وانظر إذا كان أجر نفسه في العمل مدة معلومة هل له الفطر إذا جاء رمضان والظاهر نعم إذا لم يرض المستأجر بفسخ الإجارة كما في الظئر فإنه يجب عليها الإرضاع بالعقد فيحل لها الإفطار إذا خافت على الولد فيكون خوفه على نفسه أولى، تأمل. وينبغي التفصيل في مسألة المحترف بأن يقال إذا كان عنده ما يكفيه وعياله لا يحل له الفطر؛ لأنه إذا كان كذلك يحرم عليه السؤال من الناس فلا يحل له الفطر بالأولى وإن كان محتاجا إلى العمل يعمل بقدر ما يكفيه وعياله حتى لو أداه العمل في ذلك إلى الفطر حل له إذا لم يمكنه العمل في غير ذلك مما لا يؤديه إلى الفطر من سائر الأعمال التي يقدر عليها. (قوله: فجعل نفسه عذرا أي نفس السفر عذرا وإن عرا) عن المشقة؛ لأنها موجودة فيه غالبا، والنادر كالعدم فأنيطت الرخصة بنفس السفر وظاهر إطلاقهم أنه لو دخل بلدا ولم ينو فيه إقامة نصف شهر أن له الفطر ويؤيده ما يأتي قريبا في كلامه من عبارة المحيط حيث علق كراهة الفطر على الإقامة في مصر أو دخوله إلى مصره ففرق بين مصره وغير مصره فعلق الكراهة في مصره على الدخول وفي غير مصره على الإقامة ويدل عليه أيضا ما يذكره عن الولوالجية من أن السفر المبيح للفطر هو المبيح للقصر والله أعلم (قوله: وفي المحيط ولو أراد المسافر إلخ) أي إذا كان الرجل مسافرا في أول النهار وأراد أن يدخل في أثناء النهار مصرا غير مصره وينوي فيه الإقامة أو يدخل مصره مطلقا يجب عليه صوم ذلك اليوم ترجيحا للمحرم وهو الإقامة والظاهر أن هذا إذا كان دخوله المصر في وقت النية كما يفيده ما سيأتي في شرح قول المصنف ولو نوى المسافر الإفطار إلخ حينئذ يكون قد اجتمع فيه المبيح والمحرم بخلاف ما إذا كان في وقت النية مسافرا؛ لأنه تمحض فيه المبيح. نعم بعد إقامته يجب عليه إمساك بقية يومه كما سيأتي هذا ما ظهر لي، تأمل. لكن رأيت في البدائع ما يخالفه حيث قال بعد ذكره عبارة المحيط المذكورة فإن كان أكبر رأيه أنه يتفق دخوله المصر حين تغيب الشمس فلا بأس بالفطر فيه ا هـ. ذكر ذلك قبيل باب الاعتكاف (قوله:؛ لأن ضرر المال كضرر البدن) قال في النهر علل في الفتاوى أفضلية الإفطار بموافقة (قوله: أي ولا قضاء على المريض والمسافر) أرجع في النهر الضمير المجرور إلى المرض والسفر وإليه يومئ كلام الزيلعي وهو أظهر في التقييد المذكور في قوله قيد به أي بموتها على السفر والمرض وإن كان ظاهرا على ما ذكره؛ لأنه بعد الصحة والإقامة لا يوصفان حقيقة بالوصف المذكور (قوله: وغلطه القدوري) قال في النهر يعني رواية ودراية إذ لزوم الكل متوقف على القدرة عليه ولم توجد والكتب المعتمدة ناطقة بخلاف ما قال والعادة قاضية باستحالة نقل غير المذهب وترك المذهب وبهذا اندفع ما يأتي عن غاية البيان (قوله: ليظهر في الإيصاء) تعليل للمنفي وهو يلزمه وقوله؛ لأنه أي النذر معلق بالصحة تعليل للنفي (قوله:؛ لأنه معلق بالصحة) أي النذر وهو قول المريض لله علي صوم هذا الشهر أي؛ لأنه في قوة قوله إذا برئت (قوله: والحاصل أن الصحيح لو نذر صوم شهر معين ثم مات قبل مجيء الشهر لا يلزمه شيء بلا خلاف وإن مات بعدما صح يوما يلزمه الإيصاء بالجميع عندهما وعند محمد بقدر ما صح وفصل الطحاوي فقال إن لم يصم اليوم الذي صح فيه لزمه الكل وإن صامه لا يلزمه شيء كالمريض في رمضان إلخ) هكذا في بعض النسخ وفي بعضها اضطراب وعلى هذه النسخة يجب إبدال الصحيح بالمريض وفي بعض النسخ والحاصل أن الصحيح لو نذر صوم شهر معين ثم مات قبل مجيء الشهر لا يلزمه شيء ولو صام بعضه ثم مات يلزمه الإيصاء بما بقي من الشهر وأما المريض إذا نذر ثم مات قبل الصحة لا يلزمه شيء بلا خلاف وإن مات بعدما صح يوما لزمه الإيصاء بالجميع عندهما وعند محمد بقدر ما صح ا هـ. ولا يخفى أن تفصيل الطحاوي إنما هو في القضاء كما علم من كلامه المار ولذا ردوا عليه هذا وفي السراج رجل نذر صوم رجب فأقام أياما قادرا على الصوم قبل رجب ثم مات ذكر في الفتاوى أن عليه الوصية بشهر كامل وذكر الحاكم أنه يوصي بقدر ما قدر وذكر في الكرخي أنه إن مات قبل رجب لا شيء عليه والأولان روايتان عنهما والثالث قول محمد خاصة؛ لأن إلزام ما لا يقدر عليه محال ولذا لا يوصي إذا لم يقدر على قضاء رمضان ولهما على طريقة الحاكم أن النذر سبب ملزم فجاز الفعل عقيبه وإنما التأخير لتسهيل الأداء إلا أنه لا بد من التمكن من الأداء لئلا يلزم تكليف ما لا يطاق ولهما وعلى طريقة الفتاوى أن اللزوم إذا لم يظهر في حق الأداء يظهر في خلفه وهو الإطعام فإذا ثبت هذا فنقول إذا نذر شهرا غير معين ثم أقام بعد النذر أياما قادرا على الصوم فلم يصم فعندهما يلزمه الوصية لجميع الشهر على كلا الطريقتين وقال محمد وزفر لقدر ما قدر، وجه قولهما على طريق الحاكم أن ما أدركه صالح لصوم كل يوم من أيام النذر فإذا لم يصم جعل كالقادر على الجميع فوجب الإيصاء وعلى طريقة الفتاوى النذر ملزم في الذمة الساعة ولا يشترط إمكان الأداء وفائدة الخلاف إذا صام ما أدرك فعلى الأول لا يجب الإيصاء بالباقي وعلى الثاني يجب ومثله لو نذر ليلا صوم شهر غير معين ومات في الليل لا يجب الإيصاء على الأول لعدم الإدراك ويجب على الثاني ولو أوجب على نفسه صوم رجب ثم أقام أياما ولم يصم فقد مر ا هـ. ما في السراج ملخصا وبه علم وجه الفرق بين النذر المعين والمطلق ثم قال في السراج مريض لا يقدر على الصوم نذر صوم رجب ثم دخل وهو مريض ثم صح بعده يوما أو يومين فلم يصم ثم مرض ومات فعليه الإيصاء بجميع الشهر أما على طريقة الفتاوى فظاهر وكذا على طريقة الحاكم؛ لأن بخروج الشهر المعين وصحته بعده وجب عليه صوم شهر مطلق فإذا لم يصم فيه وجب عليه الإيصاء بجميع الشهر كما في النذر المطلق إذا بقي يوما أو يومين يقدر على الصوم ولم يصم ثم مات ا هـ. (قوله: لكان أشمل إلخ) أجاب في النهر بأن من أفطر متعمدا فوجوبها عليه بالأولى على أن الفصل معقود للعوارض (قوله: بل أراد بالولي) كذا في بعض النسخ وفي بعضها بدون بل (قوله: وكذا كفارة اليمين والقتل إلخ) كذا في الزيلعي والدرر قال في الشرنبلالية أقول: لا يصح تبرع الوارث في كفارة القتل بشيء؛ لأن الواجب فيها ابتداء عتق رقبة مؤمنة ولا يصح إعتاق الوارث عنه كما ذكره والصوم فيها بدل عن الإعتاق لا يصح فيه الفدية كما يأتي ا هـ. ومثله في العزمية معترضا على صاحب الدرر والزيلعي وادعى أن الزيلعي وهم في فهم كلامهم الكافي وعبارة الكافي على ما في شرح الشيخ إسماعيل على معسر كفارة يمين أو قتل وعجز عن الصوم لم تجز الفدية كمتمتع عجز عن الدم والصوم؛ لأن الصوم هنا بدل ولا بدل للبدل فإن مات وأوصى بالتكفير صح من ثلثه وصح التبرع في الكسوة والإطعام؛ لأن الإعتاق بلا إيصاء إلزام الولاء على الميت ولا إلزام في الكسوة والإطعام انتهت وأنت خبير بأنها نص فيما قاله الزيلعي وأما ما ادعاه في العزمية من أن الموضوع في كلام الكافي هو الكفارة مطلقا ولما وقع في سياق كلامه ذكر كفارة يمين أو قتل وهما قد اشتركا في مسألة الإعتاق ذهل الزيلعي عن حقيقة الحال فساق كلامه على تعلق المسألة بهما وقال ما قال ا هـ. فبعيد ولا ينافي ذلك ما سيأتي في شرح قوله وللشيخ الفاني من أنه لو وجبت عليه كفارة يمين أو قتل لا تجوز له الفدية؛ لأن الصوم هنا بدل عن غيره فإن ذاك في الحي وما هنا فيما إذا تبرع عنه الولي فيصح لعدم إمكان الأصل لعدم إمكان الإعتاق لما فيه من الإلزام كما بسطه الشيخ إسماعيل في الجواب عن الدرر وفي الإمداد في فصل إسقاط الصلاة ولزم عليه يعني من أفطر في رمضان الوصية بما قدر عليه وبقي في ذمته حتى أدركه الموت وأوصى بفدية ما عليه من صيام فرض وكذا صوم كفارة يمين وقتل خطإ وظهار وجناية على إحرام وقتل محرم صيدا وصوم منذور فيخرج عنه وليه من ثلث ما ترك ا هـ. فقد نص على جواز الإيصاء بذلك وحينئذ فلا مانع من التوفيق بما مر والله تعالى أعلم وبه يندفع ما في حاشية مسكين عن الأقصر أي من أن مرادهم بالقتل قتل الصيد لا قتل النفس؛ لأنه ليس فيه إطعام ا هـ. فليتأمل وليراجع كي يظهر الحق. (قوله: وهناك فرق آخر مذكور في النهاية) وهو أن الحامل والمرضع مأمورة بصيانة الولد مقصودا ولا يتأتى بدون الإفطار عند الخوف فكانت مأمورة أيضا بالإفطار والأمر به مع الكفارة التي بناؤها على الزجر عنه لا يجتمعان بخلاف الإكراه فإن كل واحد غير مأمور قصدا بصيانة غيره بل نشأ الأمر هناك من ضرورة حرمة القتل والحكم يتفاوت بتفاوت الأمر القصدي والضمني (قوله: وقد قيل إنه ولدها من الرضاع إلخ) قال في النهر لا يخفى أن هذا إنما يتم أن لو أرضعته والحكم أعم من ذلك فإنها بمجرد العقد لو خافت على الولد جاز لها الفطر (قوله والمرضع هي التي لها اللبن إلخ) قال في النهر المرضع هي التي شأنها الإرضاع وإن لم تباشر والمرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي وهذا الفرق مذكور في الكشاف وبه اندفع ما في غاية البيان من أنه لا يجوز إدخال التاء في أحدهما إلخ. (قوله وإنما قيدنا به) أي بقوله في الصوم (قوله فإذا كان قبل الزوال صار شارعا) المراد به قبل الضحوة الكبرى ومفهومه أنه إذا كان بعد الزوال أي بعد نصف النهار لا يجب عليه القضاء إذا قطعه سواه قطعه في الحال أو بعد ساعة وهو ظاهر قاله بعض الفضلاء (قوله: والأظهر من هذا كله إلخ) قال في النهر وعندي أن إحالة المنع على الضرر وعدمه على عدمه أولى للقطع بأن صوم يوم لا يهزلها فلم يبق إلا منعه عن وطئها وذلك إضرار به فإن انتفى بأن كان مريضا أو مسافرا جاز. (قوله: وعبارة البدائع إلى قوله وفي الفتاوى الظهيرية) سقط من بعض النسخ. (قوله أو مسافرا قضاه كله) قال في النهر كذا قالوا وينبغي أن يقيد بمسافر يضره الصوم أما من لا يضره فلا يقضي ذلك اليوم حملا لأمره على الصلاح لما مر من أن صومه أفضل، وقول بعضهم: إن قصد صوم الغد في الليالي من المسافر ليس بظاهر ممنوع فيما إذا كان لا يضره قال الشمني وهذا إذا لم يذكر أنه نوى أم لا أما إذا علم أنه نوى فلا شك في الصحة وإن علم أنه لم ينو فلا شك في عدمها (قوله: وعن محمد أنه فرق بينهما) أي قال إن بلغ مجنونا ثم أفاق في بعض الشهر ليس عليه قضاء ما مضى وروى هشام عن أبي يوسف أنه قال في القياس لا قضاء عليه ولكني أستحسن فأوجب عليه قضاء ما مضى من الشهر؛ لأن الجنون الأصلي لا يفارق العارض في شيء من الأحكام وليس فيه رواية عن أبي حنيفة واختلف فيه المتأخرون على قياس مذهبه والأصح أنه ليس عليه قضاء ما مضى كذا في المبسوط كذا في العناية وفي مواهب الرحمن وألزمناه بالقضاء لو أفاق بعضه ولم نسقطه إلا في الأصلي على الأصح ا هـ. لكن في شرح الجامع الصغير لقاضي خان وجواب الكتاب مطلقا فيجري على إطلاقه وهو صحيح نص عليه في المنتقى (قوله: وصححه في النهاية والظهيرية) أي صححا ما في غاية البيان وكذا في العناية وفي المجتبى والمعراج وعليه الفتوى وهو مختار شمس الأئمة كما في الإمداد ومشى عليه مصححا له في نور الإيضاح. (قوله: أراد بالظن إلخ) قال في النهر لا يصح أن يراد بالظن هنا ما يعم الشك إذ لا يلائم قوله بعد أو أفطر كذلك والشمس حية كما ترى فالصواب إبقاؤه على بابه غاية الأمر أنه لم يتعرض لمسألة الشك (قوله: لما في الفتاوى الظهيرية إلخ) قال في النهر لا يخفى أنه لا مطابقة بين الدعوى والدليل إذ خبر الواحد المضاف إلى غالب الظن لا يوجب اليقين ا هـ. وفيه بحث فإن كلام الظهيرية يفيد أن غلبة الظن بالطلوع لا توجب القضاء وليس فوق غلبة الظن إلا اليقين فإيجاب القضاء بانضمام خبر العدل إلى غلبة الظن مفيد لإفادة ذلك اليقين ومفيد أنه ليس المراد باليقين ما لا يحتمل النقيض أصلا إذ لا يحصل ذلك إلا بالمشاهدة لا بخبر الواحد ولا الأكثر إلا إذا تواتر (قوله: وقوله ليلا ليس بقيد إلخ) اعترضه في النهر بأنه إنما قيد بالليل ليطابق قوله أو تسحر إذ لا خفاء أن التسحر أكل السحور وجعل تسحر بمعنى أكل تكلف مستغنى عنه ا هـ. لكن الظاهر أن مراد المؤلف أن السحور غير قيد على أنه لا تكلف في جعل التسحر بمعنى الأكل مطلقا هنا وتسميته تسحرا باعتبار ظنه والإلزام أن لا يصح التعبير به هنا لتبين أنه وقع نهارا وإذا ظنه نهارا فيصح تسميته تسحرا أيضا باعتبار احتمال بقاء الليل، تأمل. (قوله: دليل ظني) المناسب دليلان ظنيان أو التصريح بخبر الأول بأن يقول: لأن القول بالاستصحاب دليل ظني (قوله: ونقل في شرح الطحاوي فيه اختلافا بين المشايخ) أقول: ما سيأتي عن البدائع من تصحيح عدم وجوب الكفارة فيما إذا كان غالب رأيه أنها لم تغرب يقتضي تصحيح عدم الوجوب في الشك بالأولى (قوله: في البدائع ما يخالفه إلخ) لا يقال يمكن دفع المخالفة بحمل ما في البدائع على ما إذا تبين أنه أكل بالليل (قوله: فهي أربعة وعشرون) أوصلها في النهر إلى ستة وثلاثين بجعله غلبة الظن قسما مع الظن والشك فكانت الأقسام الخارجة من التقسيم الأول ثلاثة كل واحد باثني عشر فبلغت ما قال واعترضه بعض الفضلاء بأنه لا فائدة لفرقه بينهما أي الظن وغلبته هنا؛ لأنهم لم يفرقوا بينهما في الحكم كما يظهر لمن تأمل عبارة الزيلعي وغيره. نعم بين مفهوميهما فرق وهو أن مجرد ترجيح أحد طرفي الحكم عند العقل هو أصل الظن فإن زاد ذلك الترجيح حتى قرب من اليقين سمي غلبة الظن وأكبر الرأي فلذا اقتصر في البحر على الأربعة والعشرين ويراد بالظن حينئذ ما يشمل غلبته ويرد عليهما جعل الشك تارة في وجود المبيح وتارة في قيام المحرم ولا وجه له؛ لأن الظن إنما صح تعليقه بالمبيح تارة وبالمحرم أخرى؛ لأن له نسبة مخصوصة إلى أحد الطرفين فإذا تعلق الظن بوجود الليل لا يكون متعلقا بوجود النهار وبالعكس وأما الشك فلا يتصور فيه ذلك لعدم ترجيح أحد الطرفين فيه فإذا شك في قيام زيد كان معناه أن قيامه وعدمه على السواء فكان متعلقا بكلا الطرفين فيكون معنى شكه في طلوع الفجر في وقت احتمال وجود الليل ووجود النهار في ذلك الوقت على السواء، فكان الحق في التقسيم أن يقال إما أن يظن وجود المبيح أو وجود المحرم أو يشك، وكل منهما إما أن يكون في ابتداء الصوم أو انتهائه وفي كل من الست إما أن يتبين وجود المبيح أو وجود المحرم أو لا يتبين فهي ثمانية عشر تسعة في ابتداء الصوم وتسعة في انتهائه ويشهد لما قلنا صنيع العلامة الزيلعي بأنه لم يذكر إلا ثمانية عشر وذكر أحكامها ا هـ. وهو كلام حسن (قوله: وفي التبيين أن عليه عامة المشايخ) وفي الخانية قال بعضهم: هذا وفصل الحجامة سواء في الوجوه كلها. وعامة العلماء قالوا: عليه الكفارة على كل حال اعتمد حديثا أو فتوى؛ لأن العلماء أجمعوا على ترك العمل بظاهر الحديث. وقالوا: أراد به ذهاب الآخر وليس في هذا قول معتبر فهذا ظن ما استند إلى دليل؛ فلا يورث شبهة ا هـ. وما رجحه المؤلف مشى عليه في الملتقى (قوله: وهو في الغيبة مخالف لما في المحيط) وكذا هو المعتمد في الادهان مخالف لما في الخانية حيث قال وكذا الذي اكتحل أو ادهن نفسه أو شاربه ثم أكل متعمدا عليه الكفارة إلا إذا كان جاهلا فاستفتى فأفتي له بالفطر فحينئذ لا يلزمه الكفارة ا هـ. وعليه مشى في الإمداد مستدركا على ما في البدائع (قوله: وفي المجنونة بأن نوت إلخ) قال في العناية تبعا للنهاية وغيرها قد تكلموا في صحة صومها؛ لأنها لا تجامع الجنون وحكي عن ابن سليمان الجرجاني قال لما قرأت على محمد هذه المسألة قلت له كيف تكون صائمة وهي مجنونة فقال دع هذا فإنه انتشر في الأفق فمن المشايخ من قال كأنه كتب في الأصل مجبورة وظن الكاتب مجنونة ولهذا قال دع فإنه انتشر في الأفق وأكثرهم قالوا: تأويله أنها كانت عاقلة بالغة في أول النهار ثم جنت فجامعها زوجها ثم أفاقت وعلمت بما فعل الزوج ا هـ. قال في النهر وهذا يقتضي عدم تصحيفها وجزم في الفتح بأنها مصحفة من الكاتب مستندا لما مر. قال: وتركها محمد بعد التصحيف لإمكان توجيهها ا هـ. وهذا يفيد رفع الخلاف السابق إذ لا تنافي بين تصحيفها وتأويلها وبه اندفع دفع المؤلف لكن لا يخفى أن ما عن أبي سليمان ليس نصا في أن الكاتب صحفها بل وقعت عن محمد كذلك غير أنه لم يصلحها لانتشارها وإمكان تأويلها وأيضا استعماله مجبورة بمعنى مجبر ضعيف.
|